"العلاقة بين مفهوم الذات والدافعية للتعلم
لدى الطلبة وبالتالي على التحصيل الدراسي للطالب" / صفاء فرسخ
الدافعية للتعلم هي حالة خارجية عند المتعلم تدفعه إلى الانتباه
للموقف التعليمي والإقبال عليه بنشاط موجه والاستمرار في هذا النشاط حتى يتحقق
التعلم .
مفهوم الذات : هو المرآة العقلية التي تعكس نظرتنا لأنفسنا ومفهوم
الذات يشمل جوانب طبيعية وأخرى وجدانية , أي كيف نرى وجودنا وقدراتنا ومواهبنا وما
نحبه وما نكرهه .
إن مفهوم الذات يؤثر إلى حد كبير في عملية الإدراك , وإن إدراكنا
لذاتنا يحدد هويتنا وكذلك يشكل سلوكنا مع نحو الآخرين , وقد أجمع علماء الفلسفة
على أن إدراك الذات يتكون من ثلاثة أجزاء : الذات المثالية (وهي الصورة المثالية
في مخيلتنا التي نحب أن نكون عليها حالياً أو مستقبلاً وكلما تقدمنا في العمر كلما
أصبحنا أكثر واقعية وفهماً ومعرفة لقدراتنا وبناء عليه تتغير الصورة المثالية)
والذات الشخصية (هي الصورة الحقيقة التي نرى بها أنفسنا) والذات الاجتماعية (يتعلق
هذا الجزء بالأشخاص المحيطين بنا في المجتمع وهي الصورة التي تتكون في ذهن الآخرين
عنا) .
وتتداخل أجزاء الإدراك الثلاثة وتتفاعل مع بعضها البعض في منظومة
متكاملة لتشكيل إدراك الذات (مفهوم الذات) بمعنى أن التغير في أحد الأجزاء الثلاثة
يؤثر على الجزأين الآخرين , فإذا كانت النظرة إلى الذات سلبية ستؤثر سلبياً على
الذات الشخصية مما يؤدي إلى تدني الثقة بالنفس في فاعلية الاتصال مع الآخرين ، كما
أن إدراكنا لذاتنا من خلال الذات المثالية والذات الشخصية والذات الاجتماعية سيؤثر
على الصورة الذهنية التي يكونها الآخرين عنا .
وبما أنه يتشكل مفهومنا عن الذات خلال بدايات حياتنا , ويكتمل قبل
بلوغنا ولأن قدراً كبيراً من مفهوم الذات يتشكل في طفولتنا المبكرة لذلك فإنه
يعتبر عامل فعال يدفع التلميذ إلى بيئة التعلم , وقد يؤثر في تحديد الموضوعات التي
يهتم بها التلميذ ويفضلها , بل وفي تحديد الموضوعات التي يرى التلميذ أنه غير قادر
على التعامل معها وتلك التي يرى أنه لن يتعلمها على الإطلاق . كما بينت البحوث
والدراسات في مجال الدافعية للتعلم، على أن ذوي الدافعية المرتفعة أكثر نجاحاً في
المدرسة ، وأكثر نجاحاً في إدارة أعمالهم، كما أنهم يحصلون على ترقيات في وظائفهم
أكثر من ذوي الدافعية المنخفضة . وتعمل فعالية الذات ، ومعتقدات مفهوم الذات،
وممارسات تنظيم الذات ، في التأثير والتنبؤ بالنتائج الأكاديمية.
والسؤال الذي يجب أن يسأل الآن هو: أي العاملين يؤثر على الآخر، هل
تقدير الذات يؤثر على الدافعية
للتعلم، وبالتالي التحصيل؟ أم أن الدافعية للتعلم هي التي تؤثر على تقدير الذات؟
وأيهما يأتي أولاً مفهوم الذات الايجابي أم التحصيل العالي؟ يمكن القول إن التحصيل
المرتفع في المدرسة يمكن أن يؤدي إلى نظرة ايجابية نحو الذات كما ويمكن القول بأن
الطلبة الذين لديهم نظرة ايجابية عن ذواتهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم وقدراتهم وكنتيجة
لذلك فإن أدائهم الأكاديمي يكون أفضل وغالباً ما يتلقى الطلبة تغذية راجعة سلبية
من زملائهم بدافع الحسد ينتج عنها تقدير ذات ضعيف ومفهوم ذات متدني يؤدي إلى
دافعية ضعيفة وتدني تحصيلهم ؛ كما وإن الطلبة الذين لديهم تقدير ذات ضعيف، ومفهوم
ذات متدنِ، يكون لديهم دافعية ضعيفة ، وتدني تحصيل متعمد.
أن الحواس هي وسيلة الاتصال بين المثيرات والحوادث والأشياء من جهة
وبين العقل من جهة ثانية ، وإن إدراكنا لما حولنا هو نتيجة لعمليات الإدراك الحسي
بها .
كما توجد علاقة وثيقة بين الإدراك والمتعلم ، وذلك لان الإدراك
الإنساني عملية باطنية نفسية تحدث في عقل الفرد محدثة ما يسمى بالتعلم ، من خلال
عمليات متصلة مثل الانتباه ويتمثل ف يقظة حواس الفرد كالبصر والسمع ... والحاسة
السادسة . وكلما ازدادت الحواس المشاركة في عمليات الإدراك ازدادت إمكانات التعلم
وكانت أكثر وضوحاً ودقة كما تزداد إمكانية تذكره لما يدركه .
ويبدأ إدراك المتعلم لمحتوى المادة التعليمية من المنبهات عبر الحواس
المختلفة ثم الدماغ عبر الجهاز العصبي ، وفي ضوء خارطة الدماغ الإنساني ومناطقه
الإدراكية ، نستطيع القول إن المعلم الذي يعتمد في تدريسه على أسلوب المحاضرة فقط
ستصل المنبهات السمعية إلى دماغ المتعلم ، وإذا استخدم وسائل تعليمية أخرى لعرض
موضوعات التعلم كالأفلام التعليمية والصور والوسائط المتعددة فستصل منبهات عديدة
إلى دماغ المتعلم ، مما يعزز التعلم ويجعله أقوى أثراً .
يتضح مما سبق أن توظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة يستدعي أكثر من حاسة
عند المتعلم والتي ترتبط بواقعه ويساعد في الإدراك ويعزز التعلم القوي عند المتعلم
.
وينبغي للمعلم مساعدة المتعلم على إدراك الموقف التعليمي ، من خلال
إدراكه للعوامل الذاتية لدى المتعلم (أي معرفة الإطار المرجعي للمتعلم)
كالاستعدادات العقلية والنفسية والميول والخبرات السابقة والاتجاهات من ناحية
وإدراك المعلم للعوامل الخارجية التي تؤثر في الإدراك من ناحية ثانية ، حتى يقوم
بتهيئة البيئة التعليمية التعلمية المناسبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق